السبت، 27 يونيو 2009
22لا يبقى إلا الدمابراهيم الابيض: ندين من؟
فيلم احمد السقا ينجح في طرح قضية مسكوت عنها: العنف يتسيد، والمنظومة الاخلاقية في مصر تبدأ بالسقوط.
ميدل ايست اونلاينبقلم: محمد الحمامصي
دفعتني ردود الفعل التي توالت منتقدة ومتهمة فيلم "إبراهيم الأبيض" للفنان أحمد السقا بالدموية المبالغ فيها، ومناقشة البعض حول القائه الضوء على ظاهرة البلطجة، والأسئلة الساذجة التي وجهت لأبطال الفيلم من قبيل: هل قابلت بلطجية حقيقيين في حياتك؟ هل رأيت خناقة بلطجية؟ إلى أن أذهب وأشاهد الفيلم.
الفيلم فيلم أكشن وإثارة، لكنه يحمل رسالة مضمونها يعلن ولادة العنف وموت الحب ويدين ذلك دون أن يتجاهل إدانة المجتمع. نجح أبطاله في تحقيق أداء تمثيلي عال، لكن ظل ما قدمه من أجواء فقر وجهل وإحباط ويأس وعنف وجريمة وبلطجة يتفوق عليه -في جانب منه- الواقع المصري في ظرفه الراهن.
فهذا الطفل الصغير الذي يقتل والده أمام عينيه، ويضطره القاتل إلى العمل معه حتى إذا كبر أخذ بثأر أبيه وهرب ليبدأ حياة السطو والإجرام والبلطجة، ويخرج شاهرا السلاح الأبيض "السنجة" (سكين حادة طويلة) أو المطوة تارة والسلاح الناري تارة في وجه مجتمع على شاكلته لا يبالي بأمثاله، وربما أجمل توصيف له هو قول عمرو واكد عنه في الفيلم "إبراهيم ما يخفش إلا من الغشيم لأن الغشيم يموتك"، يحب لكن حبه يولد مشوها مثله.
في مقدمة الفيلم نقرأ بيتا من الشعر يؤكد البعد الإنساني للشخصية المحورية، وأن ليس منا من لا يريد أن يعيش ويحب، لكن البيئة التي نولد وننشأ فيها تلعب دورا رئيسيا في تحقيق ذلك من عدمه وأنها ربما تنشئنا نشأ آخر، يقول:
مساكين أهل العشق حتى قبورهم
عليها تراب الذل بين المقابر
ثم أيضا "القاهرة 2008" التي تؤكد أننا أمام لحظة راهنة، وأن ما يعالجه الفيلم ليس بعيدا عما يجرى، أن الفقراء والمهمشين الذين غابوا عن أعييننا طويلا فقدوا قيمة الحب يوم فقدوا الرعاية والأمن الاجتماعيين، إن حورية (هند صبري) التي يغرم بها إبراهيم الأبيض عندما يقول لها أحبك ترد: مين فيهم إبراهيم، إبراهيم البلطجي اللي بيكسر بيوت الناس في أنصاص الليالي ولا إبراهيم المجرم اللي قتل أبويا.
لقد نجح أحمد السقا إذ جسد الشخصية بحرفية ممثل أكشن عالي المستوى، ربما تدرب عليها في أفلامه "مافيا" و"الجزيرة" و"حرب أطاليا"، لكن الشخصية هنا ليست مجرد فيلم أكشن فقط اذ يحمل جانبا إنسانيا عميقا يؤكد أن "إبراهيم الأبيض" ومحيطه محصلة بيئة مجتمعية مهملة ومتجاهلة، وأن اليأس والإحباط خلقا وحوشا لا ينهاها شيء عن الافتراس، وأن الإدانة لا ينبغي أن تنسحب عليهم وحدهم ولكن أيضا على أولئك الذين تجاهلوا أولا ثم غضوا الطرف ثانيا ثم كانوا شركاء ثالثا.
وحكمة البلطجي العتيق عبد الملك زرزور (محمود عبد العزيز) التي يرى فيها الحياة والموت ويطالب إبراهيم بالتفكير فيها جيدا: "لما تشوف نياب الديب أوعه تفتكر إنه بيبتسم"، وهذه حكمة تتلبس الكثيرين في الشارع الآن ويمكننا أن نلتقط من أفواه المارة والجالسين هنا وهناك الأغنياء والفقراء كلمات أشد من تلك قسوة.
لكن المشهد الأخطر من ذلك كله حين يؤم زرزور الصلاة على غنام معلنا "الله أكبر" ثم يلتفت إلى الوراء قائلا: ولا بلاش، الفاتحة لغنام، أهو من أتر الشياطين يبقي أخوكم، ليكشف غياب الدين.
إن مشاهد الشجار التي تشهر فيها الأسلحة البيضاء والسنج والجنازير ويسقط فيها القتلى وتمزق فيها الصدور وتشج فيه الوجوه، وتملأ الدماء فيه الأرض، والحب الذي يتم تشويهه ليصبح نسخة من حالة الحقد والكره التي تملأ الشجار، مشاهد صدمت أولئك الغائبين عن حقيقة ما يجري في الشارع المصري، فأخذوا يتساءلون عن تأثير هذا العنف الذي حملته الشاشة إلى الجمهور البريء، وعن السر وراء هذا الظهور المتكرر لشخصية البلطجي في الأفلام المصرية الأخيرة مثل "الجزيرة"، "حين ميسرة"، "دكان شحاته" وغيرها.
قد يدفع ذلك الجمهور خاصة من الشباب إلى تقليد "إبراهيم الأبيض"، وكأنهم لا يقرأون الصحف وما تحمله من جرائم يشيب لها الولدان، والدراسات والبحوث التي تؤكد تفشي العنف قولا وفعلا، فضلا عن أن يذهبوا بأنفسهم لمناطق مثل الدويقة ومنشية ناصر وإمبابة والمنيب ودار السلام والملقه، وغيرها من المناطق التي لا تحظى بأدنى مستويات الرعاية الاجتماعية والأمنية، ويحكمها الفقر والمخدرات والجهل والعنف والبلطجة.
لم أندهش كثيرا مما جاء به الفيلم وخاصة ما حمله عنف دام، فقد رأيت مثل هذا المشاهد، وكنت أقف مفزوعا مما يجرى، ليس من الأسلحة التي تشهر والدم الذي ينزف ولكن مفزوعا من أن خروج الأمن بعيدا، حيث هناك مبدأ عرفته بعد ذلك يقول"سيبهم يخلصوا على بعض"، رأيت هذا المشهد الذي كان يقوده أطفال في عمر 15 و16 عاما، ومشاهد أخرى لشباب في عمر 20 و25 عاما، في ميادين مهمة، وليس في شوارع خلفية.
لقد نجح المخرج مروان حامد في أن يركب مشاهد العنف من حركة الممثلين وملابسهم وماكياجهم والأسلحة التي يحملونها وطريقة تحكمهم وحركتهم بها ولا مبالاتها واللهجة التي يتحدثون بها وخسة القتال لتطابق إلى حد بعيد ما يحدث في الواقع، حيث تنسحب الحياة بل الحب ولا يبقى إلا الدم.
إن الفيلم يحمل رسالة واضحة لمن يريد أن يفهم، رسالة تحذيرية، أن العنف قاب قوسين من التسيد، وأن البناء القيمي الذي حكم أخلاق وسلوك وضمير المصري شرعت في السقوط.
محمد الحمامصي - القاهرة
فيلم احمد السقا ينجح في طرح قضية مسكوت عنها: العنف يتسيد، والمنظومة الاخلاقية في مصر تبدأ بالسقوط.
ميدل ايست اونلاينبقلم: محمد الحمامصي
دفعتني ردود الفعل التي توالت منتقدة ومتهمة فيلم "إبراهيم الأبيض" للفنان أحمد السقا بالدموية المبالغ فيها، ومناقشة البعض حول القائه الضوء على ظاهرة البلطجة، والأسئلة الساذجة التي وجهت لأبطال الفيلم من قبيل: هل قابلت بلطجية حقيقيين في حياتك؟ هل رأيت خناقة بلطجية؟ إلى أن أذهب وأشاهد الفيلم.
الفيلم فيلم أكشن وإثارة، لكنه يحمل رسالة مضمونها يعلن ولادة العنف وموت الحب ويدين ذلك دون أن يتجاهل إدانة المجتمع. نجح أبطاله في تحقيق أداء تمثيلي عال، لكن ظل ما قدمه من أجواء فقر وجهل وإحباط ويأس وعنف وجريمة وبلطجة يتفوق عليه -في جانب منه- الواقع المصري في ظرفه الراهن.
فهذا الطفل الصغير الذي يقتل والده أمام عينيه، ويضطره القاتل إلى العمل معه حتى إذا كبر أخذ بثأر أبيه وهرب ليبدأ حياة السطو والإجرام والبلطجة، ويخرج شاهرا السلاح الأبيض "السنجة" (سكين حادة طويلة) أو المطوة تارة والسلاح الناري تارة في وجه مجتمع على شاكلته لا يبالي بأمثاله، وربما أجمل توصيف له هو قول عمرو واكد عنه في الفيلم "إبراهيم ما يخفش إلا من الغشيم لأن الغشيم يموتك"، يحب لكن حبه يولد مشوها مثله.
في مقدمة الفيلم نقرأ بيتا من الشعر يؤكد البعد الإنساني للشخصية المحورية، وأن ليس منا من لا يريد أن يعيش ويحب، لكن البيئة التي نولد وننشأ فيها تلعب دورا رئيسيا في تحقيق ذلك من عدمه وأنها ربما تنشئنا نشأ آخر، يقول:
مساكين أهل العشق حتى قبورهم
عليها تراب الذل بين المقابر
ثم أيضا "القاهرة 2008" التي تؤكد أننا أمام لحظة راهنة، وأن ما يعالجه الفيلم ليس بعيدا عما يجرى، أن الفقراء والمهمشين الذين غابوا عن أعييننا طويلا فقدوا قيمة الحب يوم فقدوا الرعاية والأمن الاجتماعيين، إن حورية (هند صبري) التي يغرم بها إبراهيم الأبيض عندما يقول لها أحبك ترد: مين فيهم إبراهيم، إبراهيم البلطجي اللي بيكسر بيوت الناس في أنصاص الليالي ولا إبراهيم المجرم اللي قتل أبويا.
لقد نجح أحمد السقا إذ جسد الشخصية بحرفية ممثل أكشن عالي المستوى، ربما تدرب عليها في أفلامه "مافيا" و"الجزيرة" و"حرب أطاليا"، لكن الشخصية هنا ليست مجرد فيلم أكشن فقط اذ يحمل جانبا إنسانيا عميقا يؤكد أن "إبراهيم الأبيض" ومحيطه محصلة بيئة مجتمعية مهملة ومتجاهلة، وأن اليأس والإحباط خلقا وحوشا لا ينهاها شيء عن الافتراس، وأن الإدانة لا ينبغي أن تنسحب عليهم وحدهم ولكن أيضا على أولئك الذين تجاهلوا أولا ثم غضوا الطرف ثانيا ثم كانوا شركاء ثالثا.
وحكمة البلطجي العتيق عبد الملك زرزور (محمود عبد العزيز) التي يرى فيها الحياة والموت ويطالب إبراهيم بالتفكير فيها جيدا: "لما تشوف نياب الديب أوعه تفتكر إنه بيبتسم"، وهذه حكمة تتلبس الكثيرين في الشارع الآن ويمكننا أن نلتقط من أفواه المارة والجالسين هنا وهناك الأغنياء والفقراء كلمات أشد من تلك قسوة.
لكن المشهد الأخطر من ذلك كله حين يؤم زرزور الصلاة على غنام معلنا "الله أكبر" ثم يلتفت إلى الوراء قائلا: ولا بلاش، الفاتحة لغنام، أهو من أتر الشياطين يبقي أخوكم، ليكشف غياب الدين.
إن مشاهد الشجار التي تشهر فيها الأسلحة البيضاء والسنج والجنازير ويسقط فيها القتلى وتمزق فيها الصدور وتشج فيه الوجوه، وتملأ الدماء فيه الأرض، والحب الذي يتم تشويهه ليصبح نسخة من حالة الحقد والكره التي تملأ الشجار، مشاهد صدمت أولئك الغائبين عن حقيقة ما يجري في الشارع المصري، فأخذوا يتساءلون عن تأثير هذا العنف الذي حملته الشاشة إلى الجمهور البريء، وعن السر وراء هذا الظهور المتكرر لشخصية البلطجي في الأفلام المصرية الأخيرة مثل "الجزيرة"، "حين ميسرة"، "دكان شحاته" وغيرها.
قد يدفع ذلك الجمهور خاصة من الشباب إلى تقليد "إبراهيم الأبيض"، وكأنهم لا يقرأون الصحف وما تحمله من جرائم يشيب لها الولدان، والدراسات والبحوث التي تؤكد تفشي العنف قولا وفعلا، فضلا عن أن يذهبوا بأنفسهم لمناطق مثل الدويقة ومنشية ناصر وإمبابة والمنيب ودار السلام والملقه، وغيرها من المناطق التي لا تحظى بأدنى مستويات الرعاية الاجتماعية والأمنية، ويحكمها الفقر والمخدرات والجهل والعنف والبلطجة.
لم أندهش كثيرا مما جاء به الفيلم وخاصة ما حمله عنف دام، فقد رأيت مثل هذا المشاهد، وكنت أقف مفزوعا مما يجرى، ليس من الأسلحة التي تشهر والدم الذي ينزف ولكن مفزوعا من أن خروج الأمن بعيدا، حيث هناك مبدأ عرفته بعد ذلك يقول"سيبهم يخلصوا على بعض"، رأيت هذا المشهد الذي كان يقوده أطفال في عمر 15 و16 عاما، ومشاهد أخرى لشباب في عمر 20 و25 عاما، في ميادين مهمة، وليس في شوارع خلفية.
لقد نجح المخرج مروان حامد في أن يركب مشاهد العنف من حركة الممثلين وملابسهم وماكياجهم والأسلحة التي يحملونها وطريقة تحكمهم وحركتهم بها ولا مبالاتها واللهجة التي يتحدثون بها وخسة القتال لتطابق إلى حد بعيد ما يحدث في الواقع، حيث تنسحب الحياة بل الحب ولا يبقى إلا الدم.
إن الفيلم يحمل رسالة واضحة لمن يريد أن يفهم، رسالة تحذيرية، أن العنف قاب قوسين من التسيد، وأن البناء القيمي الذي حكم أخلاق وسلوك وضمير المصري شرعت في السقوط.
محمد الحمامصي - القاهرة
السبت، 20 يونيو 2009
قصة حب في دائرة العنف
الجمعة, 12 يونيو 2009
القاهرة – أيمن يوسف
لم تشهد شاشة السينما المصرية من قبل كل هذا العنف وكل هذه الشلالات من الدماء التي شاهدها الجمهور في فيلم «إبراهيم الأبيض». هذا الفيلم الذي يدور موضوعه حول عالم السلاح الأبيض بقسوته وخشونته، من خلال شخصية إبراهيم الذي يشهد مقتل أبيه وهو صغير فينشأ في هذه البيئة ويصبح من أهم وأخطر من يتعاملون بالسلاح الأبيض.
وإبراهيم هذا صديق مقرب هو عشري (عمرو واكد) الذي يشاركه كل معاركه. أما حبيبته فهي حورية (هند صبري) الفتاة الجميلة الشجاعة. ومنذ يثب إبراهيم عن الطوق يتقرب من العمل في هذه المنطقة من مالك (محمود عبد العزيز) الذي يعجب بشجاعة إبراهيم ويحاول أن يأخذه تحت ذراعه، لكن عندما يزج بإبراهيم في السجن يتزوج مالك من حورية ويخون عشري صديق عمره. بعد خروج ابراهيم من السجن يتعدى حدوده ويصل إلى منزل مالك ويتصرف معه بخشونة وتهديد فيقوم رجال مالك بقتل عشري وإبراهيم، أما مالك فيقتل بنفسه حورية التي كانت تدافع عن إبراهيم وتحذره من قتله.
كان يمكن أن يكون العنف في هذا الفيلم أقل مما شاهدناه كان يمكن والدماء أن تكون أقل أيضاً، ولا ندري لماذا توجه صنّاع الفيلم اتجاهاً متطرفاً هكذا نحو العنف والدماء في حين كان يمكن توصيل الرسالة بقدر أقل من هذا.
ومع هذا تظل في الفيلم أمور جميلة مثل قصة الحب بين إبراهيم وحورية وهي قصة حب رومانسية وسط دائرة العنف، كما أن في الفيلم عناصر فنية جيدة منها مونتاج خالد مرعي الذي ظهرت قوته في مشاهد المشاجرات، وكذلك كاميرا مدير التصوير سامح سيلم، والإخراج القوي لمروان حامد خصوصاً أيضاً في مشاهد المعارك وهروب إبراهيم من البوليس، ومشهد القطار الذي جمع إبراهيم بحورية، ولا ننسى ديكور أنسي أبو سيف الذي نقل لنا هذا الواقع بصدق، أما المعارك فنفذت بواقعية على رغم أننا لم نشاهد ما يمثلها من قبل لكننا نعتقد أنها واقعية من شدة الاهتمام بتنفيذها وتفاصيلها.
وفي هذا السياق لا بد من القول إن أحمد السقا أبدى في الفيلم لياقة بدنية كبيرة في دوره كما كان لهند صبري حضور في المشاهد القليلة التي مثلت فيها، وكذلك سوسن بدر. لكن في النهاية يظل السؤال لماذا كل هذا القدر من الدماء في فيلم يعرض لقصة حب؟
document.title="Dar Al Hayat - قصة حب في دائرة العنف
أشعر بالأسى العميق لأنني أبدو أحيانا أمام نفسي وأمام القارئ كأنني قادم من الفضاء الخارجي، أشعر بالغرابة والغربة من أشياء كثيرة تحدث في بلدنا وثقافتنا وسياستنا، فكما لا أستطيع أن أفهم ما هي 'طبيعة' النظام السياسي والاقتصادي الذي يحكمنا ويتحكم فينا، وأؤكد أنه لا نظام ولا سياسي ولا اقتصادي، فإنني أمام أفلامنا المعاصرة أصبح عاجزا عن الفهم، فليس ما أراه على شاشاتنا له علاقة بفن السينما، والغريب أن هذا يحدث في فترة أصبحت فيها رؤية أي فيلم من أي بلد في العالم متاحة أمام الجميع بما يكفي لكي نعرف الإمكانات الهائلة لفن السينما، بدءا من الأفلام شديدة البساطة وقليلة التكاليف وحتى أكثرها تعقيدا في تقنياتها، لكننا للأسف نزداد تخلفا على نحو لا يُصدّق، كأننا نعيش في قرية معزولة عن العالم، وبعد ذلك يطلبون من الناقد ألا يكون 'قاسيا' كأنه مريض نفسي يحب ممارسة القسوة (لله في الله)، بل هي يا سادة رغبة حقيقية في أن تكون لدينا سينما بجد مثلما نحلم بوطن بجد، ولا يكفي صانع الفيلم أن يرفع شعارات سياسية أوافقه عليها ثم أجده يصنع سينما مختلفة تماما في تأثيرها السلبي على المتفرج، فما يبدو أنه قسوة ليس في حقيقته إلا حبا واحتراما عميقين لشعبنا الذي أومن أنه يستحق أفضل مما يحصل عليه في كل المجالات، لكنه يتعرض دائما لعملية 'نصب' كاملة الشروط يعلم الله وحده متى تنتهي.تقرأ على تيترات أفلامنا أن هناك سيناريو وإخراجا وتمثيلا، وهناك بالفعل أشياء تشبه ذلك لكنها ليست كذلك بالفعل، وإن أردت مثالا فلتتأمل ما فعله 'النجم' أحمد السقا في فيلمه الأخير 'ابراهيم الأبيض'، لقد جرى خلال تصوير الفيلم ما يقرب من المسافة بين القاهرة وبنها، وقفز على أسطح بيوت عديدة تتجاوز عدد بيوت عزبة الصفيح، وخرّ من الدم بضعة ليترات، وصرخ بما يكفي لكي يُبحّ صوته عدة أسابيع، ومع ذلك فإن ذلك كله لا علاقة له بفن 'التمثيل'، والسبب شديد البساطة لكنه ويا للغرابة فات على من صنعوا الفيلم أو وافقوا عليه، لقد بات الأمر أشبه بالعامل الذي يشتغل في 'الفاعل'، يحمل على أكتافه أطنانا من الطوب والزلط والرمل، ويصعد على سقالات وتنزلق قدمه حتى أنه يتعرض أحيانا لخطر قاتل، لكنه فعل ذلك دون أن يكون هناك مهندس قد صمم رسما هندسيا للمبنى الذي يقولون أنهم يشيدونه، وإنك تنتظر بعد هذا المجهود الهائل فلا ترى إلا بعض حوائط وخوازيق ولا وجود لأي مبنى!كان الكاتب العظيم برتولت بريخت يردد في مسرحية 'الإنسان الطيب' عبارة: 'هناك شيء ما في عالمكم غلط!'، لكن المتفرج يمكنه أن يرى بسهولة في فيلم 'ابراهيم الأبيض' أشياء كثيرة 'غلط'، سوف أحاول هنا التوقف عند بعضها فهي أكثر من أن تحصى، فلقد شاهدت بعيني وسمعت بأذني ردود أفعال المتفرجين على فيلم يعتبره صناعه من أفلام 'الأكشن'، وجلبوا خبيرا أجنبيا متخصصا في تنفيذ مثل هذه المشاهد، فإذا بالجمهور يشعر بالملل الشديد، يكاد أن يضحك أحيانا في مواقف يفترض أنها مأساوية، ويمتعض في مواقف يفترض أنها كوميدية، وهذا يعود في جوهره إلى أن صناع الفيلم قد غاب عنهم قواعد فيلم الأكشن، بل الكثير من قواعد فن السينما وربما أي فن. لقد أصبح من الأسئلة التقليدية (جدا جدا) في السينما السؤال الجوهري: على أيهما تعتمد في صناعة فيلمك، الشخصية أم الفعل والحدث؟ وكانت الإجابة القديمة أن الشخصية مهمة في بعض الأنماط الفيلمية، بينما يسود الفعل والحدث في أنماط أخرى من بينها 'الأكشن'، لكن بعد ما يزيد على قرن من ميلاد السينما بات من المتعارف عليه أن رسم الشخصية يأتي دائما في المقام الأول، ليس فقط لأن الشخصية هي التي تصنع الحدث، ولكن الأهم أنها هي التي تخلق 'التوحد' مع المتفرج، وإذا كانت سلسلة أفلام 'بورن' التي قام ببطولتها 'الممثل' مات ديمون قد لحست عقول بعض صناع أفلامنا، بما احتوته من تقنيات الكاميرا المتحركة وسرعة التقطيع المونتاجي، فالغريب أن سينمائيينا لم يدركوا أن هذه السلسلة نجحت أولا بسبب الشخصية الدرامية وليس لما تقوم به من ألعاب بهلوانية (يقوم بها الدوبلير في العادة دون أن يتجشم الممثل عناء المجهود الجسماني الخارق بلا أي ضرورة).لقد اختفى من ذاكرة الجمهور أبطال 'أكشن' احتلوا الشاشة طويلا، مثل ستيفن سيجال وفان دام، لأن أفلامهما لم تكن تحتوي على شخصية بالمعنى الدرامي، أما جيسون بورن كما أداه مات ديمون فقد ترك بصمته لأنه يعبر عن بطل وحيد يعصف به القلق، لقد فقد ذاكرته لكنه يملك قدرات بدنية فائقة لا يعرف مصدرها، ويكتشف أنه مطارد من قوى مجهولة بالنسبة له، وهكذا تصبح رحلته رحلة 'وجودية' بمعنى ما، حين يحاول أن يعرف هويته وماضيه، وحين يعرفهما يقرر أن يهرب منهما ليصبح له وجود جديد، فهل تجد 'دراما' متكاملة الأركان مثل تلك في أفلامنا؟ حتى 'داي هارد' كما جسده بروس ويليز سوف تكتشف أن عنفه 'الأكشناوي' ينبع من شعور عميق بالمرارة، لقد قضى عمره شرطيا شريفا يعرض حياته للخطر في كل لحظة، وبسبب تفانيه في العمل هجرته زوجته واتخذت ابنته لنفسها اسم أب آخر، فهل لا تستطيع إلا أن تتوحد مع هذه الشخصية في عنفها البالغ ضد 'الأشرار'؟ بل سأضرب لك مثلا أكثر مبالغة، فشخصية 'الرجل الأخضر' الخرافية أصبحت في نسختها الأخيرة شديدة الإنسانية والعذوبة كما أداها إدوارد نورتون، إنه ليس وحشا بل ضحية، لذلك تحبه وتتعاطف معه وتريده أن يقهر كل من يحاول القضاء عليه، والقائمة تمتد إلى سبايدرمان وسوبرمان و'الرجل الحديدي'.الحال في 'ابراهيم الأبيض' يختلف تماما، فسوف يصدمك الفيلم بأنه ليس إلا مشهدا واحدا طويلا (جدا جدا) من كل أنواع القتل، خاصة الخنق والطعن والذبح والسلخ والتقطيع، وإذا سألت نفسك أحيانا: من يحارب من؟ ومن أريده أن ينتصر في هذه المعركة التي 'مش باين لها آخر'، فلا تجد جوابا، فهناك شخصية ابراهيم الأبيض (أحمد السقا) وصديقه عشري (عمرو واكد) البلطجيان اللذان يعملان في كل شيء يغضب الله على رأي عمنا محمود السعدني، يدخلان معركة ويقتلان العشرات ويخرجان منها 'مشرحين'، لكن سرعان ما يعودان إلى 'ميدان' المعركة من جديد، وأنت لا تستطيع أن تتعاطف معهما لحظة واحدة، ليس لأنهما مجرمان، فالمجرم في الدراما القوية 'بطل' من نوعية ما، ويظهر في فترات لها سماتها الاجتماعية السلبية (أرجو من القارئ أن يعود في ذلك إلى الدراسات شديدة الأهمية للدكتور محمد السيد النجار)، أما هنا فإننا أمام 'مجرم وخلاص'، فقل لي بالله عليك ما الذي يدفعني للتعاطف معه؟ عند صناع الفيلم رد جاهز: لقد رأى ابراهيم وهو طفل أباه وهو يُقتل بعد ضرب مبرح على إثر لعب عيال وخناقة نسوان، فهل هذه والنبي دوافع قوية لأن تصنع مجرما يُشبع الدنيا تقتيلا وتجعلني في الوقت ذاته أتعاطف معه؟ تلك الذكرى المؤلمة من الطفولة حاولتها أفلام مصرية معاصرة مثل 'واحد من الناس' و'الجزيرة'، لكنها بدورها لم تكن كافية لخلق المساحة المشتركة بين 'البطل' والمتفرج، لأن المتفرج لم ير الظلم الواقع عليه في الحياة متجسدا في الظلم الذي وقع على البطل، ولأن أفلامنا تحت تأثير ما يسمونه 'النجم' تتصور أن البطل يجب أن يكون بطلا في كل شيء، ولتذهب الدراما في ستين داهية، فتتحول الدراما عندنا إلى 'طاخ طيخ طوخ'، وإلى صراع بدائي فج، بينما الدراما في الحقيقة هي التوتر الناتج عن الصراع الداخلي والخارجي معا، فالشجاع يشعر أحيانا بالخوف، والضعيف قد ينفجر في لحظات من القوة، لكن ما تراه في 'ابراهيم الأبيض' هو دوري مباريات بين فرقة ابراهيم الأبيض وعشري من ناحية، وفرق عديدة من المجرمين، لكن أي طرف لا يختلف عن الآخر في إجرامه غير المبرر، وعنفه غير المنطقي، حتى أنك تقول لنفسك: يا رب الطرفان يموتان وينتهي الفيلم بقى! وهنا لا يبقى في ذهن المتفرج عن 'العشوائيين' إلا الصورة القبيحة فيسهل عليه التفكير في أن يتحرقوا بجاز حتى نرتاح، بينما هناك في مصر عشرة ملايين يعيشون في هذه العشوائيات، ولهم الحق في الحياة الكريمة، لكن يبدو أن لجنة السياسات إياها تشارك من تحت لتحت في إنتاج هذه الأفلام حتى تنشئ 'منشية ناصر هايتس'! لذلك أرجو من سينمائيينا أن يبحثوا لأنفسهم عن أي موضوعات أخرى ويرفعوا أيديهم عن موضوع العشوائيات ما داموا يتصورونه ويصورونه على هذا النحو.لن يقتصر الأمر على معارك 'الولد' ابراهيم الأبيض، فسوف يخرج لك عباس أبو الحسن كاتب السيناريو ومروان حامد المخرج من أكمامهما 'البنت والشايب'، البنت هي حورية (هند صبري) التي تتصرف كأنها كارمن في حي الباطنية، والشايب هو المعلم زرزور (محمود عبد العزيز) الطاغية الذي يتصرف كأنه زوربا اليوناني بعد أن تحول من عشق الحياة إلى احتراف القتل والاستمتاع به، أما كيف تم اللعب بهاتين الورقتين فانظر وتأمل وتعلم العِبَر: زرزور العجوز يحب الصبية حورية على طريقة الشيخ في فيلم مروان حامد الأول القصير 'لي لي'، المأخوذ على نحو متواضع ومشوش ومشوه عن قصة يوسف إدريس الرائعة 'أكان لا بد يا لي لي أن تضيئي النور'، إنه يراها من النافذة تخلع ملابسها فيقع في عشقها في صمت، أما حورية فسوف تقع في حب ابراهيم من النظرة الأولى وبلا أدنى سبب (يكفي أنهما بطل وبطلة الفيلم)، لكن ..... وأرجو أن تعد نفسك للمفاجأة القادمة: حورية هي ابنة الرجل الذي حرض على ضرب وقتل والد ابراهيم، وهو الرجل الذي قتله ابراهيم وهو طفل في سورة غضب!! هنا لا أدري يا عزيزي القارئ طريقة لأن أشرح لك، فبعد الحب والهيام والغرام في مخازن السكك الحديدية (هل أدركت سبب تدهورها؟!)، يعرف ابراهيم وحورية هذا الماضي، فهل جاء أحدهما من المريخ والأخرى من الزهرة مثلا؟ أم أنهما طوال عمرهما أبناء حي عشوائي واحد؟ أم أن الصدفة العمياء (جدا) جمعتهما بعد أن ظنا أن لا تلاقيا؟؟؟ ولكن ربما تحدث في الأحياء العشوائية مفاجآت ميلودرامية من هذا النوع، فمن أين لك أن تعرف؟ هل أنت عشوائي لا سمح الله؟الحقيقة أن الفيلم هو العشوائية بعينها، ولن أحكي لك بقية الأحداث وكيف انتهت حتى تستمتع (أقصد تتعذب) عندما ترى الفيلم بنفسك، فهناك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت من ضجة بصرية وسمعية بالغة الضراوة، وأصبحت من سمات أفلامنا الآن، ولكن الجرعة تزداد مع أفلام شركة 'جودنيوز' التي تؤمن دائما بنظرية ساندويتش الهامبورجر العملاق، لكنها ضجة مقصودة لكي 'تِلْكم' عقل المتفرج حتى لا يفكر إذا ما كان يراه هو فيلم بحق، وإذا ما كانت العناصر السينمائية البهلوانية قد جعلته يفهم الشخصيات التي تتحرك على الشاشة كأنها أشباح (في أحد مشاهد الفيلم يبدو ابراهيم الأبيض كأنه 'زومبي' خرج من أفلام الموتى الأحياء). لقد فهمنا على نحو خاطئ أن الكاميرا المهتزة إلى درجة الدوار، والقطع المونتاجي شديد اللهاث، هما من ضروريات فيلم 'الأكشن'، لكن ذلك لا يعني أن تستمر هذه الفوضى من أول الفيلم لآخره، بدون إدراك لضرورة الحفاظ على ضبط الإيقاعات المتباينة بين مشاهد الفيلم، ولقد كان هذا على سبيل المثال سببا في فشل الجزء الثاني من 'جيمس بوند' الأخير، كما جسده دانييل كريج، بينما نجح الجزء الأول لأنه أمسك جيدا بهذا الإيقاع في تغيراته المختلفة، بالإضافة بالطبع للتأكيد على جوهر الشخصية الدرامية، فقد كان هذا الجزء تحليلا متأملا متمهلا للأسباب التي جعلت من جيمس بوند هذه الشخصية التي تميل إلى العنف.ولأن 'التمثيل' عندنا يأتي في المقدمة، ربما مع الحديث الدائم عن نجومية فلان أو علان، فإنني أشعر بالأسف لأنني لم أر تمثيلا في الفيلم، التمثيل يعني أن تدخل تحت جلد الشخصية، ولأنه لا وجود لأية شخصية درامية حقيقية فقد مال جميع الممثلين إلى المبالغة التي تصل إلى درجة 'الجروتيسك' في غير موضعها، وعلى سبيل المثال فإن محمود عبد العزيز استدعى بعضا من ملامح شخصيته في فيلم 'القبطان' لكنه يستخدمها هنا بلا معنى، وعندما كان يبكي على حورية على طريقة 'اللي حب ولا طالشي' كان الجمهور يضحك في الصالة، كما طغى الصراخ و'التطجين' على أداء هند صبري (عشوائية بقى)، واستعار عمرو واكد شخصيته من أفلام المخرج البريطاني جاي ريتشي، بل هل تصدق أن مجرما صعلوكا مثله يفكر في الانتحار بأن يملأ البانيو بالمياه ثم يضع في الماء سلكين كهربيين عاريين، لكن الكهرباء كانت مقطوعة مع أن الحكومة تعهدت بإدخالها إلى العشوئيات، والأجدر بها بعد هذا الفيلم أن تقطع عنهم المياه أيضا حتى لا ينتحروا بهذه الطريقة الخواجاتي! أما أحمد السقا فقد ذكرني باللاعب الشعبي الذي يصيح في دائرة الجمهور من حوله: 'عايز اتنين جدعان يقيدوني'، ثم يحاول أن يفك القيد الحديدي حتى تنتفخ عروقه وتكاد الدماء أن تنفجر منها، وبالرغم من أن هذا 'فن' في حد ذاته فهو ليس 'التمثيل'، لكن ويلاه ما حيلته وليست هناك شخصية يمثلها.لقد بذل المخرج الخواجة المتخصص في المعارك والأكشن الجهد كله في هذا الفيلم، بينما غاب كاتب السيناريو والمخرج، فليس هناك نص سينمائي وتفسير لهذا النص، وفي الحقيقة أن أغلب أفلامنا الأخيرة تعاني من عدم فهم لمعنى السيناريو والسرد، فإن لم تكن الأمثلة التي ضربتها لك تكفي لتوضيح سذاجة طريقة حكاية الحدوتة، فإليك مثالا على 'فذلكة' شديدة الغرابة، فبين الحين والآخر نسمع على شريط الصوت تعليق عشري من خارج الكادر، مع أنه ليس 'الراوي' الذي بدأ الحكاية وأنهاها، بل الأدهى أنه مات في آخر الفيلم، فكيف لميت أن يحكي، إلا إذا كنت أمام فيلم 'ما بعد حداثي'، على طريقة 'بالب فيكشان' أو 'مشتبهون عاديون'؟! وإذا كنت كمواطن مصري أنادي بكل ما أملك من تضرع ورجاء أن يشكل المتخصصون 'جبهة قومية' تشخص أحوالنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتقدم الروشتة لها، فإنني أرجو بكل جدية أن يستورد معهد السينما متخصصين على أعلى مستوى في الدراما، وكيف يمكن للسينمائي أن يحكي حدوتة، مجرد أن يحكي حدوتة، بدلا من الكتاتيب التي انتشرت وتزعم تعليم كتابة السيناريو، حتى أصبح للدراما عندنا معنى مختلف تماما عما يحدث في العالم كله. وإذا لم تكن هناك فائدة من الجيل الحالي من السينمائيين الذين فسد ذوقهم ويفسدون السينما، فلعل جيلا قادما يعيد إليها الحياة. نسيت أن أقول لك أن رؤية المخرج تجسدت في لقطة أراها دالة، فمن أساسيات فن الإخراج اختيار زاوية التصوير، وفي أحد المشاهد كان المعلم زرزور (محمود عبد العزيز) يتبول واقفا، فاختار المخرج أن يجعله يواجه الكاميرا، ويواجهنا نحن الجمهور، فهل عندكم تفسير لهذا الاختيار؟ناقد سينمائي من مصر0
اسم كاتب المقال الاستاذ احمد يوسف نقلا عن جريدة القدس العربى
حكايات متفرقة
ذات يوم رأيت عصفور به كل الالام
فعطفت عليه وحاولت الملم جروحه المام
اغدقت عليه حبا وحنانا جعلته ينطق بالكلام
سئلته ما خطبك فشكا من ظلم الايام
وبعد شفائه طار بعيدا من دون سلام
مررت بنافذتى وقت الاصال
وجدته واقفا يبكى على الاطلال
فنظرت له ووجدته مكبل بالاغلال
فبكيته فصاح لا تبك فلك انت الامال
فعتبته فقال كثرة الاغلال تلغى الخصال
الا خصال الخسة والغدر والاندال
فتورايت خجلا كيف لم اعى كل الايام الطوال
عذرا لك منى وتبا لمن وضع بعقنك الاغلال
ذات يوم رأيت عصفور به كل الالام
فعطفت عليه وحاولت الملم جروحه المام
اغدقت عليه حبا وحنانا جعلته ينطق بالكلام
سئلته ما خطبك فشكا من ظلم الايام
وبعد شفائه طار بعيدا من دون سلام
مررت بنافذتى وقت الاصال
وجدته واقفا يبكى على الاطلال
فنظرت له ووجدته مكبل بالاغلال
فبكيته فصاح لا تبك فلك انت الامال
فعتبته فقال كثرة الاغلال تلغى الخصال
الا خصال الخسة والغدر والاندال
فتورايت خجلا كيف لم اعى كل الايام الطوال
عذرا لك منى وتبا لمن وضع بعقنك الاغلال
محسن باشا 9-9-2005
الإنسان
الإنسان في الحياة كائن معقد جدا تنازعه أشياء عدة أهمها ( الهوا – الأنانية – حب الذات ) وكذلك (الاخلاق والعادات والتقاليد والدين ) بدون ترتيب للأهمية وما بداخل هذه الأطر من إطارات عدة واندفاعات وحواجز شديدة ضد بعضها البعض .
الإنسان المثالي هو من يحقق لنفسه السلام مع الذات عن طريق الدين والاخلاق والعرف ويوقف قدر المستطاع النوازع الاخرى ولكن يفقد الانسان فى رحلته فى الحياة الطريق القويم لاسباب عديدة اهمها نفسه وما تطلبه منه باشياء قد تفوق امكانياته فتحدث الشرور فى المجتمعات.
وقديما قالوا ان الانسان نواة المجتمع اذا صلح صلح المجتمع باسره .
لذا نرى ان يكون الاهتمام منصب على الانسان الفرد وليس على المجتمع الذى ينسحق فيه الانسان .
فاذا كان الاهتمام بالانسان فى متطلباته الاساسية على اكمل وجه استطاع المجتمع ان يطلب منه ان يرد له هذا الاهتمام.
ولكن مانره الان ان قيم المجتمع ومتطلباته وكذلك قيم النخبة اى كانت النخبة هى المسيطرة تماما وتسحق معها الانسان بمتطلباته ورغباته فحدث ما حدث من شرور فى مجتمعنا .
ان مشاكل مجتمعنا لن يحلها مصلح اجتماعى او عالم دين او رجل اخلاق ولكن حلها يكون من خلال دراسة الاسباب الحقيقة لبروز هذه الافات تحليلا علميا وطبعا لايخضع لاى سلطة او لقيم المجتمع( النخبة).
ثم نحلل تلك الدراسة تحليل عميق يؤدى بنا الى الحلول المنطقية المرجوة ان شاء الله
محسن باشا
2004
الحياة وانا
قدرا ان احيا انسان باباء
فخرا ان اكون امراة بلا خيلاء
تحدق فى مقل طويلا بلا ارتواء
هذه نظرة بها خسة واشتهاء
هذه نظرة بها ترفع وكبرياء
ارمقهم بنظرة نارية وازدراء
ابدو قامة وانا بقايا اشلاء
الملم نفسى دون يلحظ الاقرباء
تظفرعبرة منى ولكن دون انحناء
فيا ناظرى ابعدوا فلكم من الاستغناء
يكفينى ان اعيش معها فهى رجاء
وهى لى ولكم لا فهى كل الحياة والرجاء
القاهرة 7-7-2005
الاثنين، 1 يونيو 2009
شهدت فليم عودة الندلة للاستاذ بلال فضل واهم الملاحظات التى استطيع ان اقول خرجت بها من الفليم
ان الاستاذ بلال اراد زرع عده بذور حقيقية لتنبت بداخل المشاهد مثل قيمة الفلسفة ومعادلتها بالقيم الاسلامية وارشاد المشاهد لوجود قيم الفلسفة الحقيقية وهى الحق والخير والجمال
وكذلك مناقشة فكرة التوكل والتواكل والفرق العظيم الذى بينهم حيث نمارس جميعا التواكل على انه توكل
وذلك من خلال تركيبة انسانية رائعة وكذلك من خلال حوارات سهلة بدون تكلف
واكاد اقول ان هذا الفليم ربما يحاول باسلوب سلسل بنزول الافكار المجردة من ابراجها العاجية لتمارس فى الواقع المعاش
واراه كذلك بيان ان بعض الافراد يمكن ان ينصروا الحق ولكن يرفضوا درءا للاتهامات الجاهزة من تكدير السلم الاجتماعى والامن العام
ربما يصنف بلال فضل على انه كاتب كوميدى او هزلى او ........ الخ ولكنى اراه يمارس لعبة شديدة الذكاء وهى زرع افكار غير عادية فى اناس عادية لعلها تثمر على المدى البعيد لذا يمكن ان نقول ان بلال فضل كاتب ثورى ولكن ثوريته هادئة كالفلاح المصرى حين يزرع شجرة وينتظر اعوام لجنى الثمار
فبلال الفلاح(الكاتب) يزرع هنا وهناك ولا يريد لزرعه ( افكاره) ان تنبت فى صوب ( افلام المهرجانات ) ولكن ينثرها فى الهواء لعل الريح ( الفليم ) تنثره فى بيئات مختلفة
لذا اقول عندما تشاهد فليم مكتوب عليه كلمة السر ( بلال فضل ) لا تذهب وتمنى نفسك بالمشاهدة والاستمتاع بالفليم وحسب ولكن اذهب لتلقى ربما محاضرة عظيمة ولكن باستمتاع لان المحاضر لديه من الذكاء الذى يسيطر به عليك وياخذك الى عوالم شتى فى سياحة فكرية منقطعة النظير
محسن عباس
تحريرا فى 23.3.2007
ان الاستاذ بلال اراد زرع عده بذور حقيقية لتنبت بداخل المشاهد مثل قيمة الفلسفة ومعادلتها بالقيم الاسلامية وارشاد المشاهد لوجود قيم الفلسفة الحقيقية وهى الحق والخير والجمال
وكذلك مناقشة فكرة التوكل والتواكل والفرق العظيم الذى بينهم حيث نمارس جميعا التواكل على انه توكل
وذلك من خلال تركيبة انسانية رائعة وكذلك من خلال حوارات سهلة بدون تكلف
واكاد اقول ان هذا الفليم ربما يحاول باسلوب سلسل بنزول الافكار المجردة من ابراجها العاجية لتمارس فى الواقع المعاش
واراه كذلك بيان ان بعض الافراد يمكن ان ينصروا الحق ولكن يرفضوا درءا للاتهامات الجاهزة من تكدير السلم الاجتماعى والامن العام
ربما يصنف بلال فضل على انه كاتب كوميدى او هزلى او ........ الخ ولكنى اراه يمارس لعبة شديدة الذكاء وهى زرع افكار غير عادية فى اناس عادية لعلها تثمر على المدى البعيد لذا يمكن ان نقول ان بلال فضل كاتب ثورى ولكن ثوريته هادئة كالفلاح المصرى حين يزرع شجرة وينتظر اعوام لجنى الثمار
فبلال الفلاح(الكاتب) يزرع هنا وهناك ولا يريد لزرعه ( افكاره) ان تنبت فى صوب ( افلام المهرجانات ) ولكن ينثرها فى الهواء لعل الريح ( الفليم ) تنثره فى بيئات مختلفة
لذا اقول عندما تشاهد فليم مكتوب عليه كلمة السر ( بلال فضل ) لا تذهب وتمنى نفسك بالمشاهدة والاستمتاع بالفليم وحسب ولكن اذهب لتلقى ربما محاضرة عظيمة ولكن باستمتاع لان المحاضر لديه من الذكاء الذى يسيطر به عليك وياخذك الى عوالم شتى فى سياحة فكرية منقطعة النظير
محسن عباس
تحريرا فى 23.3.2007
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)